روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | من صفات الداعية.. الاتباع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > من صفات الداعية.. الاتباع


  من صفات الداعية.. الاتباع
     عدد مرات المشاهدة: 3158        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة العالمين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وبعد..

فلا زلنا نتسامر في صفات الدعاة العاملين، والهداة المبلِّغين عن رب العالمين.. وحديثنا اليوم حول صفة الاتباع الحق، لإمام الهدى وسيد الخلق، عليه صلواتُ الله وسلامُه..

اعلم حبيب القلب أن هذه الصفةَ العظيمةَ قرينةُ سابقتها (الإخلاص) في قبول العمل الصالح، إذ العبدُ الصادقُ لا تتمُّ عبادتُه إلا باجتماعِ هذين الأصلين العظيمين.

إن الاتباع الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون نتاجَ محبةٍ آسرة، تتخلل شغافَ قلبٍ سليم، فتثمر انقيادًا عمليًّا يدفع صاحبها لاقتفاء أثر حبيبه، ونصرة هديه وتشريعه، إذ أن حبيبَه أخذ لبَّه، وملك عليه فكرَه ونفسَه، فصارت نفسُه أسيرةَ سنتِه، وحبيسَة هديِه وسيرتِه..

لها أحاديثُ من ذكراكَ تُشغِلها *** عن الشرابِ وتلهيها عن الزاد

لها بوجهكَ نورٌ يُستضاء به *** ومن حديثِكَ في أعقابها حَادِ

إذا شكت من كَلالِ السير واعدها *** روحَ القدومِ فتحيا عند ميعاد

نعم- معاشر الدعاة- هكذا كانت منزلة الحبيب الأعظم في قلوب أصحابه وأحبابه فهي كما قال عليٌ رضي الله عنه: (كان- والله- أحبَّ إلينا من أموالنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ).

نعم يا أتباعَ الحبيبِ الأعظم، إن محبةً قلبيةً لا تثمر تزكيةً واتباعا، ولا توجب لشريعة المحبوب انقيادا، لهي مشاعرٌ خائبة، وأحاسيسٌ باردةٌ كاذبة، إذ المُحبُّ الحقيقيُّ الصادق هو الذي تحرر من كلِّ ما سوى شِرعةِ حبيبه، فما ملكه سواها، ولا تنكب صراطها وهداها، فهو كما قال ابن القيم: (هو العبد المطلق الذي لم تملكه الرسوم، ولم تقيده القيود، فهذا هو المتحقق بـ {إياك نعبد وإياك نستعين} حقا، والقائم بها صدقا، ملبُسه ما تهيأ ومأكلُه ما تيسر، واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته، لا تملكه إشارة ولا يتعبده قيد، ولا يستولي عليه رسم. حرٌ مجرد، دائرٌ مع الأمر حيث دار، يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه، ويدور معه حيث استقلت مضاربه، يأنس به كل محق، ويستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعة حتى شوكها، وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انتهكت محارم الله. فهو لله وبالله ومع الله).

على أن حسَّان دعوتنا (العشماوي الرائع) قد أجاد في بيان الحب وأفاد، وأجاب على شبه الأدعياءِ بالصواب والسداد، فأنشأ يشدو يقول:

إني أقول لمن يخادعُ نفسَه *** ويعيشُ تحت سنابكِ الأوزار

سل عن حنينِ الجذعِ في محرابه *** وعن الحصى في لحظةِ استغفار

سل صُحبةَ الصديقِ وهو أنيسُه *** في دربهِ ورفيقُه في الغار

سل حمزةَ الأسدَ الهصورَ فعنده *** خبرٌ عن الجنات والأنهار

سل وجهَ حنظلة الغسيلِ فربما *** أفضى إليك الوجهُ بالأسرار

سل مصعبًا لمَّا تقاصرَ ثوبُه *** عن جسمِه ومضى بنصف إزار

سل في رياضِ الجنةِ ابنَ رواحةٍ *** واسأل جناحي جعفر الطيار

سل كلَّ من رفعوا شعارَ عقيدةٍ *** وبها اغتنوا عن رفع كل شعار

سلهم عن الحبِّ الصحيح ووصفِه *** فلسوف تسمعُ صادقَ الأخبار

حبُّ الرسولِ تمسك بشريعةٍ *** غرَّاء في الإعلان والإسرار

حبُّ الرسولِ تعلقٌ بصفاته *** وتخلقٌ بخلائق الأطهار

حب الرسول حقيقةٌ يحيا بها *** قلبُ التقيِّ عميقةُ الآثار

إحياءُ سنته، إقامةُ شرعه *** في الأرض، دفعُ الشك بالإقرار

إحياءُ سنته حقيقةُ حبه *** في القلب، في الكلمات، في الأفكار

يا سيد الأبرار: حبُّكَ في دمي *** نهرٌ على أرض الصبابة جار

لك يا نبيَّ الله في أعماقنا *** قممٌ من الإجلال والإكبار

علمتنا معنى الولاءِ لربنا *** والصبر عند تزاحمِ الأخطار

ورسمت للتوحيدِ أجملَ صورةٍ *** نفضَت عن الأذهانِ كلَّ غُبار

فرجاؤنا ودُعاؤنا ويقينُنا *** وولاؤنا للواحدِ القهَّار

وفي هذه الأبيات الرائعة، وما حوته من جميل تصوير وعميق مشاعر، كفاية بالغة لمن رام معرفةَ حقيقة المحبة والاتباع، ومعالمَ التسنُّنِ والانقياد.. والحمد لله رب العالمين.

الكاتب: محمد العيساوي.

المصدر: موقع كتاب عبد الله بن مسعود.